الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الخِطط المقريزية المسمى بـ «المواعظ والاعتبار بذكر الخِطط والآثار» **
: قال ابن عبد الحكم: ويقال: إن الذي بنى منارة الإسكندرية فليطرة الملكة وهي التي ساقت خليجها حتى أدخلته الإسكندرية ولم يكن يدخلها الماء كان يعدل من قرية يقال لها: كسا قبالة الكريون فحفرته حتى أدخلته الإسكندرية وهي التي بلطت قاعته. وقال الكندي: إن الحارث بن مسكين قاضي مصر حفر خليج الإسكندرية. وقال الأسعد بن مماتي في كتاب قوانين الدواوين: خليج الإسكندرية عليه عدة ترع وطوله من فم الخليج ثلاثون ألف قصبة وستمائة قصبة وعرضه من قصبتين ونصف إلى ثلاث قصبات ونصف ومقام الماء فيه بالنسبة إلى النيل فإن كان مقصر أقصرت مدة إقامته فيه وإن كان عاليًا أقام فيه ما يزيده على شهرين. ورأيت جماعة من أهل الخبرة وذوي المعرفة يقولون: إنه إذا عملت من قبالة منية نتيج إلى نتيج زلاقة استقر الماء فيه صيفًا وشتاء ورأيت البحيرة جميعها وحوف ودمسيس والكفور الشاسعة وقد زرعت عليه القصب والقلقاس والنيلة وأنواع زراعة الصيفيّ وجرى مجرى بحر الشرق والمحلة وتضاعفت عليه البلاد وعظم ارتفاعها وإقامة هذه الزلاقة ممكنة لوجود الحجارة في ربوة والطوب في البحيرة وإنهم قدّروا ما يحتاج إليه فوجدوه يناهز عشرة آلاف دينار. ويُقال: إنه كان الماء فيه جاريًا طول السنة وكان السمك فيه غاية من الكثرة بحيث تصيده الأطفال بالخرق فضمنه بعض الولاة بمال ومنع الناس من صيده فعدم منه السمك ولم ير بعد ذلك فيه سمكة فصار يخرج بالشباك. خليج الفيوم والمنهى: مما حفره نبيّ الله يوسف الصديق عليه السلام عندما عمَّر الفيوم كما هو مذكور في خبر الفيوم من هذا الكتاب وهو مشتق من النيل لا ينقطع جريه أبدًا وإذا قابل النيل ناحية دورة سريام التي تعرف اليوم بدورة الشريف يعني ابن يغلن النائب في الأيام الظاهرية بيبرس تشعبت منه في غربيه شعبة تسمى المنهى تستقل نهرًا يصل إلى الفيوم وهو الآن عُرف: ببحر يوسف وهو نهر. لا ينقطع جريانه في جميع السنة فيسقي الفيوم عامّة سقيًا دائمًا ثم ينجرّ فضل مائه في بحيرة هناك ومن العجب أنه ينقطع ماؤه من فوهته ثم يكون له بلل دون المكان المندي ثم يجري جريا ضعيفًا دون معاد البلل لم يستقل نهرًا جاريًا لا يقطع إلا بالسفن ويتشعب منه أنهار وينقسم قسمًا يعمّ الفيوم ويسقي قراه ومزارعه وبساتينه وعامة أماكنه والله خليج القاهرة: هذا الخليج بظاهر القاهرة من جانبها الغربي فيما بينها وبين المقس عرف في أول الإسلام: بخليج أمير المؤمنين وتسميه العامّة اليوم: بخليج الحاكمي وبخليج اللؤلؤة وهو خليج قديم أوّل من حفره طوطيس بن ماليا أحد ملوك مصر الذين سكنوا مدينة منف وهو الذي قدم إبراهيم الخليل صلوات الله عليه في أيامه إلى مصر وأخذ منه امرأته سارة وأخدمها هاجر أم إسماعيل صلوات اللّه عليهما فلما أخرجها إبراهيم هي وابنها إسماعيل إلى مكة بعثت إلى طوطيس تعرّفه أنها بمكان جدب وتستغيثه فأمر بحفر هذا الخليج وبعث إليها فيه بالسفن تحمل الحنطة وغيرها إلى جدة فأحيا بلد الحجاز ثم إن أندرومانوس الذي يعرف: بإيليا أحد ملوك الروم بعد الإسكندر بن فيلبس المقدوني جدد حفر هذا الخليج وسارت فيه السفن وذلك قبل الهجرة النبوية بنيف وأربعمائة سنة. ثم إن عمرو بن العاص رضي اللّه عنه جدد حفره لما فتح مصر وأقام في حفره ستة أشهر وجرت فيه السفن بحمل الميرة إلى الحجاز فسمي: خليج أمير المؤمنين يعني عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه فإنه هو الذي أشار بحفره ولم تزل تجري فيه السفن من فسطاط مصر إلى مدينة القلزم التي كانت على حافة البحر الشرقي حيث الموضع الذي يعرف اليوم على البحر: بالسويس وكان يصب ماء النيل في البحر من عند مدينة القلزم إلى أن أمر الخليفة أبو جعفر المنصور بطمه في سنة خمسين ومائة فطم وبقي منه ما هو موجود الآن وسيأتي الكلام عليه مبسوطًا إن شاء الله تعالى عند ذكر ظواهر القاهرة من هذا الكتاب. بحر أبي المنجا: هذا الخليج تسميه العامّة: بحر أبي المنجا الذي حفره: الأفضل بن أمير الجيوش في سنة ست وخمس مائة وكان على حفره أبو المنجا بن شعيا اليهودي. فعرف به وقد ذكر خبر هذا الخليج عند ذكر مناظر الخلفاء ومواضع نزههم من هذا الكتاب. الخليج الناصري: هذا الخليج في ظاهر المقس حفره: الناصر محمد بن قلاوون في سنة خمس وعشرين وسبعمائة وقد ذكر في موضعه من هذا الكتاب.
|